تعتبر هجرة العقول المفكرة والأيدي العاملة، من أكثر التحديات التي تواجه عدداً كبيراً من الدول، إذ يتوجه أبناؤها من أصحاب الخبرات والكفاءات والشهادات الدراسية العالية للعمل خارج أوطانهم، ويبذلون قُصارى جهدهم لتحصيل عقود عملٍ يحققون بها أحلامهم الكثيرة التي يظنون أنّهم لن يستطيعوا تحقيقها طالما بقوا في أوطانهم، فحلم السفر يراود عقول الكثير من الشباب، ويغريهم دائماً بترك بلدانهم وأهلهم والذهاب إلى المجهول، الذي رربما يكون أجمل وأفضل لبناء المستقبل، لكنه يعتبر خسارةً للوطن الذي أنجب أبناءه وعلمهم، ومدّ يده إليهم، ثمّ يغادرونه دون أدنى شعورٍ بالمسؤولية.
يوجد العديد من الأسباب التي تشجع أصحاب العقول المفكرة والعمال للتفكير بالهجرة والسفر، من بينها عدم الاكتفاء المادي، وقلة النقود، ممّا يدفعهم للبحث عن فرصة عملٍ توفر لهم الرفاهية والعيش الكريم خصوصاً في حال عجز الوطن عن تأمين رواتب مرتفعة، أو بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالكثير من البلدان، خصوصاً بلدان العالم الثالث، التي تمتلك ثروةً إنسانيةً ضخمةً، وعقولاً نيرةً، لكنهم وبكل أسفٍ، لا يجدون من يمدّ لهم يديه للنجاح والتطور والتنمية.
في كثيرٍ من الأحيان، يجد الشباب فرصةً للإبداع والتفكير خارج بلدانهم، أكثر بكثيرٍ من الفرص التي يجدونها داخلها، كما أنّهم قد يعثرون على الاهتمام في الخارج أكثر، ممّا يدفعهم إلى الهجرة والبقاء في المهجر، دون أن يفكروا ولو للحظةٍ بالأشياء التي كان من الممكن أن يخققوها لو بقوا في بلدانهم، فتطوّر البلاد والعباد لا يكون إلّا بسواعد عقول أبنائه، وهمتهم، وتعاون الأيدي العاملة.
من أكثر الأسباب التي تدعو العقول المفكرة والأيدي العاملة للهجرة، عدم قدرة الوطن توفير فرصة العمل المناسبة لهم، وتردي الظروف الاقتصادية، وارتفاع مستوى المعيشة، ممّا يجعل القرار بالغربة عن الوطن ضرورةً ملحةً، وليست مجرد خيارٍ للمرء، كما أنّ عدم تساوي الفرص، وانتشار الفساد والمحسوبية، يجعل المرء يشعر بالظلم والتمييز في بلده، فتنعدم في قلبه ونفسه رغبة البقاء، ويفكر بالسفر إلى بلدٍ آخر يحترم عقله ويمنحه قيمته الحقيقية، والفرصة المناسبة ليبدع.
على الرغم من السلبيات الكثيرة لهجرة العقول المفكرة والأيدي العاملة، إلّا أنّ هناك عدداً من الإيجابيات التي يقدمها هذا الأمر للبلد، كأن يتيح المهاجرون فرص عملٍ إضافية للمواطنين داخل البلد، وخصوصاً للنساء، وزيادة تحويلات العملة الصعبة التي يرسلها المغتربون إلى أهلهم في الوطن، ممّا ينعش الحالة الاقتصادية العامة، ورغم ذلك، فإنّ الوطن أولى بأبنائه، وأحقّ بتعبهم، وعقولهم، وأفكارهم.
المقالات المتعلقة بموضوع تعبير عن هجرة العقول المفكرة والأيدي العاملة